النجاح |
الخلاصة لفكرة النجاح – لا تراجع بعدي
كثر الكلام عن النجاح في الحياة وجميعنا يفهم النجاح بمعان مختلفة، فكل واحد يرى النجاح من مفهومه الشخصي ليتعامل معه بالتبعية بمفهومه الشخصي أيضاً، والذي قد يكون منقوصاً أو مختلاً، أو ليس له علاقة بالنجاح لا من قريب ولا من بعيد.
لذلك سأتحدث عن النجاح بخلاصة تجمع كل تفاصيله ليكون هذا المقال مرجعاً شاملاً نعرف من خلاله ما هو النجاح و كيفية تحقيقه و لكن فضلاً – لا تراجع بعدي.
النجاح الدراسي – هذا ما يصفه الغالبية عن النجاح
في كل محاضراتي التي قدمتها عن النجاح كنت أطرح سؤالاً ثابتاً للحاضرين وهو ما هو معنى النجاح لديكم؟
وكانت أغلب الإجابات تبدأ بأن معنى النجاح هو – النجاح في المراحل الدراسية – ذلك لأن هذا المعنى هو أول معنى للنجاح يقابله الإنسان في العصر الحديث بعد ولادته وتخطيه مرحلة الحضانة الأمية ودخوله لمعترك الحياة فهي أول مرحلة يواجهها الانسان و يتعامل معها هي المرحلة الدراسية، لذلك أصبح الغالبية يقيسون النجاح بهذا المفهوم، ويجعلونه شاملاً لأي معنى للنجاح – لكن ربما لا يدرك البعض بأن مفهوم النجاح الدراسي هو مفهوم له علاقة بالطلاب، فالنجاح لديهم مقتصر على حصولهم على أعلى الدرجات أو دُخولهم أفضل الكليات العالمية، والحصول على أعلى الشهادات.
لكن مفهوم النجاح أشمل بالطبع من مفهوم النجاح الدراسي كما أن قياس النجاح في أي مجالات أخرى تختلف عن قياس النجاح في المرحلة الدراسية.
ارسم النجاح كلوحة الموناليزا
أنا لا أعترض على أن يرسم كل شخص مفهوماً للنجاح ليمثل لوحته الخاصة به، لكن لكي تكون اللوحة مبهرة – كلوحة الموناليزا – يجب أن تعرف بعض الثوابت لكي تكون لوحتك احترافية وصحيحة فلو كان الفنان “ليوناردو دافنشي” رسم وجه الموناليزا على شكل دائرة وكتفيها وقفصها الصدري على شكل مربع لكانت لوحة الموناليزا ألقيت في صندوق القمامة منذ زمن، لكن “دافنشي” استخدم المعايير الأساسية للرسم التي لا يختلف فيها اثنان حتى رسم لوحته بحرفية أبهرت الناس، وجعلت اللوحة تتصدر مكانها في متحف اللوفر.
اعرف معايير النجاح وارسم لوحتك
1– المعيار الأول والرئيسي للنجاح أو يمكن القول أن هذا هو غرض النجاح و معناه أن النجاح هو :الوصول لغاية أو تحقيق هدف جدير بالاهتمام وهو مقتبس من القاموس الإنجليزي الشهير أوكسفورد
2- معيار “العيش المتوازن” المستخلص من تعريف “ستيفن كوفي” عن النجاح في كتابه “العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية”: يرى النجاح على أنه” العيش بطريقة متوازنة لتحقيق الأهداف الشخصية والمهنية مع مراعاة القيم الأساسية مثل الصدق والإنصاف والتوازن.
3- وهناك معيار “القياس الشخصي للنجاح” والذي ذكره الكاتب ” مارك مانسون” في كتابه” فن الامبالاه” حيثُ إنه ذكر فيه أن النجاح ما هو إلا مقياس الشخص لنفسه، ووضح ذلك قائلًا إن كل شخص يستطيع أن يُحدد هل هو ناجح في حياته أو لا.
4- أما هذا فهو معيار “التقدم التدريجي “والذي قدمه ” نايتينغيل كونانت” في كتابه “أغرب سراً”، والذي يعرف النجاح بأنه “التقدم التدريجي لتحقيق هدف أو غاية جديرة بالاهتمام.”
اذاً القول الفصل لمعنى النجاح، والذي علينا أن نركز انتباهنا نحوه وندركه والذي تدور حوله معاييره هو، أن النجاح يعني الوصول إلى هدف أو غاية، والحصول على مكانة أو درجة متقدمة في المجتمع، والسعي المستمر لتحقيق تطلعات ذات معنى.
فكرة النجاح أشمل من ذلك
ولكي تكون فكرة النجاح فكرة شاملة، ربما ندرك أن معايير النجاح تهدف معظمها إلى وصف النجاح على أنه أمر شخصي بحت، فكل المعاني والمعايير التي ذكرتها تشير أن النجاح هو الوصول إلى هدف أو غاية ما – لكن الأمر أشمل من ذلك وهنا علينا أن نعرف بأن حياتنا هي مجموعة من المراحل العمرية كل مرحلة تشمل مجموعة من المراحل المرتبطة بها و تتفرع منها فمثلاً :مرحلة الطفولة والمراهقة والشباب تشمل تحتها المرحلة الدراسية وبداية مرحلة الحياة العملية. أما مرحلة الشباب وما بعدها من المراحل العمرية الأخرى يتفرع تحتها مرحلة الحياة الزوجية وتكوين الأسرة وإنجاب الأولاد وتربيتهم ثم مرحلة التقاعد ومرحلة ما بعد التقاعد.
لذلك فمعنى النجاح لا يبتعد عن هذه المراحل، فهو يعني الوصول إلى أفضل النتائج في كل مرحلة منها.
فكما أن عليك أن تصل إلى النجاح في المرحلة الدراسية بأعلى الدرجات و التقديرات العلمية ، عليك أن تنجح في حياتك العملية التي تليها و ذلك باختيار مسار عملي يناسب إمكانياتك من أول قرار إنشاء مشروع خاص أو العمل في وظيفة حتى اكتساب الخبرة العملية الكافية للنجاح في الجانب المهني.
والنجاح في جوانب الحياة الستة ايضاً
ولتكون فكرة النجاح أكثر عمقاً وشمولا فإنه وكما تحدثنا عن النجاح في مراحل الحياة المختلفة والمراحل التي تتفرع منها، فإنه علينا أن نعرف بأن معنى النجاح يشمل أيضاً جوانب الحياة الستة المختلفة، والتي تشمل جميع أنشطة الحياة تقريباً وهي :
– الجانب الروحاني – الجانب الصحي – الجانب النفسي – الجانب الاجتماعي – الجانب المادي (المالي) – الجانب المهني
وهنا يأتي معيار التوازن وهو أحد معايير تحقيق النجاح والمستخلص من تعريف “ستيفن كوفي” للنجاح فالتوازن هو أمر مطلوب لتحقيق النجاح في جوانب الحياة الستة، ويتحقق ذلك عند الوصول إلى أفضل النتائج في كل هذه الجوانب ذلك لأن الخلل في إحدى هذه الجوانب والناتج عن قلة الاهتمام به وعدم الوصول إلى النتائج المأمولة فيه يؤدي إلى خلل كبير في منظومة الحياة بأكملها وهناك مثال شهير على ذلك وهو اهتمام أغلبنا بشؤون العمل والانغماس في مشاكله ونتائجه وتحقيق النجاح فيه الأمر الذي يتسبب في اهمال بعض الجوانب الأخرى مثل الجانب الاجتماعي حيث أن أغلب مشكلاتنا الاجتماعية من قلة التواصل مع الأهل والأصحاب وحتى المشكلات الزوجية؛ تحدث بسبب الاهتمام الزائد بالعمل وقلة الوقت المتاح للجانب الإجتماعي و للجوانب الأخرى.
والآن لتكتمل اللوحة
هل عرفت معنى النجاح ومعاييره وما يشمله؟ – شيء رائع – الآن عليك أن تعرف كيف تكمل لوحة نجاحك، أي كيف تكون ناجحاً في كل ما قلناه؟
1- عليك أن تضع أهدافاً لحياتك لتحدد الأمر الذي تريد الوصول للنجاح فيه، كما أن وضع الأهداف يجعلك تعرف المقياس الذي تقيس به مستوى النجاح الذي تحققه ولا تنس معيار التقدم التدريجي وهو أحد أهم معايير النجاح ذلك لأن النجاح لا يتحقق فجأة و لا يتحقق سريعاً أنه يحتاج الى وقت و مجهود – و لكن مجهود مدروس ،مجهود بذكاء و ليس مجهود شاق اشبه بالحرث في البحر.
2- ان اسهل الطرق لوضع أهداف للنجاح في حياتك هي أن تنظر إلى جوانب حياتك الستة و أن تحدد أين أنت في كل جانب من هذه الجوانب وحدد الجوانب التي تهملها والجوانب الأكثر اهتماماً بالنسبة لك واعمل على تحقيق التوازن المطلوب للوصول إلى أفضل النتائج في كل جانب من هذه الجوانب و هنا ستسألني و تقول و كيف اقوم بتحقيق التوازن في جوانب حياتي اقول لك هذا أمر شرحه يطول و أنا بالتأكيد مشغول ،ولكن سأطرح تحقيق التوازن في مقال آخر – أعدك بذلك يا صديقي.
3- أظهر رغبتك في النجاح: هل يوجد طالب يريد أن يرسب في نتيجة الامتحانات، ويعيد السنة الدراسية؟ بالطبع لا ولكن ليس الطلاب كلهم لديهم الرغبة القوية في النجاح، فمن يحصل على نسبة 50% من المجموع الكلي للدرجات يعتبر ناجحاً، ومن يحصل على 99% من المجموع نفسه هو ناجح أيضا ، الاثنين كلاهما ناجحان ولكن شتان بين شكل النجاح بينهما، لذلك عليك أن تعرف أنه لتكون ناجحاً عليك أن تكون لديك الرغبة القوية بما فيها من تخطيط وتنفيذ وإصرار وعمل وعزيمة حتى تصل للشكل المطلوب للنجاح الحقيقي.
4- استجمع إمكانياتك وآمن بها: النجاح يحتاج إلى إمكانيات والإمكانيات يمكن تصنيفها إلى مجموعتين، مجموعة الإمكانيات المكتسبة و مجموعة الإمكانيات الشخصية ، أما مجموعة الأمكانيات المكتسبة فهي المهارات اللازمة للنجاح في الأمر الذي تريد النجاح فيه، وهذه المهارات عليك أن تعرفها ، فعلى سبيل المثال : نجد أنه لتحقيق النجاح في الحياة العملية فإنك تحتاج لتعلم مجموعة من المهارات مثل : مهارات التواصل والتفاوض ومهارة العرض التقديمي وغيرها من المهارات الخفيفة الأخرى اضافة الى مهارات استخدام برامج الحاسب واللغة الإنجليزية كل هذا بجانب المهارات التخصصية في مجال عملك – كل هذه المهارات و معها مهارات البحث عن عمل تساعدك في النجاح للوصول لفرصة عمل مناسبة، وتتطور فيها.
أما المجموعة الثانية هي الإمكانيات الشخصية مثل: الوعي بالذات والتفكير الإيجابي والثقة بالنفس واتخاذ القرار ومواجهة العقبات وحل المشكلات والقيم الشخصية ونقاط القوة وغيرهم، كل هذه الإمكانيات لازمة لتحقيق النجاح في الحياة بشكل عام فهي عندما تستغل بالشكل الأمثل تحقق النجاح بكل تأكيد بمشيئة الله.
5- اكتسب صفات الناجحين: الناجحون لهم صفات اجتمع العلماء على أن كل من حقق نجاحاً حقيقياً في أمر ما كانت لديه هذه الصفات، ومن أهم هذه الصفات هي: الإيجابية والمسؤولية والمرونة والمثابرة والذكاء الاجتماعي والعملي والتطور المستمر ومعرفة كيف حقق الناجون الآخرين نجاحاتهم وتطبيق ما فعلوه على أنفسهم بالشكل الذي يتناسب مع طبيعتهم وإمكانياتهم أو ما يسمى بالنمذجة Modeling
6- الانضباط والالتزام والإصرار : هذه هي مفاتيح النجاح الثلاثة وهي جميعها يمكن وضعها في كلمة واحدة وهي “الفعل” فمن الجيد أن تكون لديك الرغبة في النجاح، ومن الرائع أن تخطط له ولكن الأروع هو أن تنفذ أو تفعل ما خطط إليه ويكون لديك الانضباط والالتزام والإصرار على القيام بكل مهامك التي تصل بك إلى النجاح.
وأخيرا
هذا هو النجاح بكل تفاصيله قدمته لك في 1500 كلمة اقرأ هذه الكلمات ال 1500 أكثر من مرة، وتفهم معانيها وأبعادها وابدأ في وضع قائمة النجاحات التي تريد الوصول إليها – تحياتي
طارق الشرقاوي
اكتوبر 2024